[CENTER][B][SIZE="5"]نصيب ملائكة الله والعوالم العلوية، في رسالته؛صلى الله عليه وسلم فإن الله لم يجعله رسولاً للبشر، وإنما رسولاً للكل، قال تعالى:
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) (28سورة سبأ)
فهو رسول المرسلين، والنبيين، ورسول الملائكة والمقربين، ورسول الملأ الأعلى، وما بعد الأعلى، كما هو رسول أهل الأرض، ورسول الجنِّ، ورسـول كل عوالم الله عزَّ وجلَّ.
فكما صرف إليه نفراً من الجن، وأيضاً في تلك الليلة عندما لم يؤمن به أهل الطائف؛ أرسل الله إليه نفراً من الجن وهو راجع إلى مكة، فآمنوا به، وصدقوا به، وكانوا نفراً من أهل نصيبين ،وهي بلدة من بلاد الشام، وهي الآن في تركيا ،فآمنوا به، وكانت من الآيات في تلك الليلة
ثم أخذه الله ليعْلِمَهُ أنه إن كان قد كذبته هذه الشرذمة من البشر، فإنه قد آمن به الجنُّ، وآمن به النبيون، والمرسلون، وصدَّق به كل أهل عليِّين وعالين من الملائكة المقرَّبين؛ فلماذا يأسى على هؤلا، ولماذا يحزن على الأشقياء من هؤلا، فأمره الله ألا تذهب نفسه حسرات عليهم، لأنه رسول للكلِّ صلوات الله وسلامه عليه.
فذهب إلى أهل كل سماء ليعلِّمهم الوحي الخاص بهم من الله، والمقدار اللازم لهم في شرع الله، فهل تكليف الملائكة كتكليفنا؟
أبداً ، فالملائكة في عبادة ثابتة منذ خلقهم الله إلى يوم الدين، ولا يرتقون، ولذلك فقد قال الله على لسان كبيرهم:( وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ) (164سورة الصافات)
أي ثابت، أما المؤمنون فهم درجات عند الله، قال تعالى:
( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )(11سورة المجادلة)
فأعطاهم رسول الله صّلى الله عليه وسلم نصيبهم من الرحمة التي خصَّه الله بها، وقال لنا مبرزاً علو قدرها وشأنها:( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) (107 سورة الأنبياء)
وكل ما سوى الله فهو من العالمين. فلم يقل الله ،من العالَمَيْن، كما يفسرها بعض المفسرين بأنهم الجنُّ والإنس، ولكن الله قال ( العالمين )،جمع عَالَم، فكل ما سوى الله؛ له نصيبٌ في رحمة رسول الله التي غمره بها، وفتحها له مولاه عزَّ وجلَّ.
فكان يوزع الرحمة على الأنبياء ، والمرسلين ، ثم على الملائكة المقربين ، ولذلك قد عبَّر الله. عزَّ وجلَّ عن الرحمة التي حفَّت بيت المقدس بعد تشريفه بسيد الأولين والآخرين ، فقال عز شأنه :
( إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) (1 سورة الإسراء)
وذلك عندما ذهب رسول الله ومن معه من الأنبياء والمرسلين .وهناك فرق عظيم بين
( بَارَكْنَا حَوْلَهُ )،
وبين ، ( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) أية (97) سورة آل عمران ،فأخذ الأنبياء ، والمرسلون ، والملائكة ، والمقربون ؛ نصيبهم من صاحب الرسالة الأقدس صلوات الله وسلامه عليه .
وتعجبون إذا علمتم شيئاً من علوم أهل الخاصة ؛ فقد كان سيدي عبد العزيز الدباغ رَضِيَ الله عنه رجلاً أمياً لا يقرأ ولا يكتب ، وكان في بلاد المغرب ، ولكنه بلغ في الصفاء والنقاء والطهر والبهاء لدرجة أن رسول الله صّلى الله عليه وسلم كان لا يغيب عنه أبداً ؛ يقظة ، ومناماً ، حلاً وترحالاً ، وكان إذا سأله سائل يقول :{ انتظر حتى أسأل رسول الله ؟ }
ومن جملة هذه التفصيلات العجيبة، أنهم سألوه: كيف تتسع الجنَّة؟, وبم تنضج ثمار الجنَّة؟وذلك أنَّ الجنة ليس فيها شمس ولا قمر، والذي ينضج الثمار في عالم الأرض الشمس والقمر، فبعض المزروعات تنضجها الشمس، والخضروات والفواكه جُلُّها ينضجها القمر، ولذلك فإنها تكبر في الليالي القمرية، والجنَّة : ( لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ) (13 سورة الإنسان)
فكيف تنضج؟، وكيف تمتد؟. فقال رضي الله عنه مُلْمِحَاً برذاذ من علوم المكاشفة؛ وهي العلوم التي يتفضَّل بها الله على أحباب الله، كشفاً ، وعياناً ، وشهوداً، وليس اطلاعاً، ولا قراءة، ولا بياناً من:( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (75سورة الأنعام)
فقال رضي الله عنه:{ إن الملائكة الحافين بالجنَّة، إذا أراد الله عزَّ وجلَّ اتساعها، أمرهم أن يتحركوا ويصلُّوا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فتحنُّ الجنَّة إلى أصلها؛ فتسعى إليهم؛ فتمتد بأمر الله، عزَّ وجلَّ. وإذا أراد ثباتها، ألهمهم التسبيح والتقديس؛ فتخشى جلال الله فتنكمش. وعندما يريد الله إنضاج خيرها، وتكميل ثمارها، وتجميل حورها، وإتمام قصورها وبهائها وبنيانها، هلَّ عليها بالحبيب الأعظم؛ فيتمُّ كل شيء فيها بطلعته صلوات الله وسلامه عليه، فدخل الجنَّة ليتم لنا الأمر }
وهذه الأسرار التي يحكيها الصالحون والأبرار، هي التي عليها المدار في كلامنا عن حكمة الإسراء، وهي أسرار للأخيار، والمصطفين والأبرار، والأطهار الذين هم أنتم إن شاء الله عزَّ وجلَّ.[/SIZE]