[SIZE="5"][CENTER]{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} غافر51
وعد كريم من العزيز الحكيم وعد فيه بالنصر عباده المؤمنين وحزبه المفلحين ، وقد أكد الوعد بإنَّـا وزاد تأكيده بلام التوكيد {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا} ، وليس الرسل وحدهم ولكنه شملنا معهم {وَالَّذِينَ آمَنُوا} أي نحن ننصر الرسل والمؤمنين الذين معهم ، في أي مكان يا رب؟ قال في الحياتين في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، في الدنيا وفي الآخرة
أظن بعد هذا الوعد ماذا يريد الإنسان بعد ذلك؟ عندما يكون الوعد صريحاً من الله بأن الله يتعهد ويؤكد وليس بأداة واحدة من أدوات التوكيد ولكن بأكثر من أداة بأنه سينصر رسله والمؤمنين في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، ماذا يريد المؤمن بعد ذلك من الله؟
هذا الوعد ظهر بأجلى مظهره في هجرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالكفر كله تحدى رسول الله ووقفوا جميعاً ضده حتى كان صلى الله عليه وسلم يتجشم الصعاب من أجل أن يبلغ دعوة الله ، فقد كان العرب يأتون للحج من أول شهر شوال يعني عقب عيد الفطر
وكان لهم ثلاثة أسواق ، سوق عند مكة وهو عكاظ وسوق عند منى وهو ذي المجنة وسوق قريب من عرفات وهو ذي المجاز فيخرجون من هذا السوق إلى هذا السوق إلى هذا السوق ، ويذهب رسول الله لتبليغ دعوة الله فيأتي الوليد بن المغيرة عليه لعنة الله وكان قائد الفريق الذي يتزعم القضاء على دعوة رسول الله وأبو لهب قائد فرقة المطاردة التي تطارد رسول الله
فيحضر الوليد بن المغيرة ليرى القبائل التي تصل إلى مكة أو إلى هذه الأسواق ، وكانت تأتي من اثنى عشر طريقاً فكان يقسم أعوانه إلى اثنى عشر فريق وكل فريق له أربعة يقفون بالتناوب اثنان يسلموا اثنين بحيث يقفون على الطريق طوال الوقت يصفون الرسول صلى الله عليه وسلم لهؤلاء القوم ويصفونه بأنه ساحر أو مجنون ويقولون لهم نحن قومه وأعرف الناس به فلا تسمعوا لكلامه ويحذرونهم تحذيراً شديداً من رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما الفرقة الثانية بقيادة عمه أبي لهب وكان اسمه عبد العزى فقد كان يسير خلفه على الدوام وكلما يجلس الرسول مع جماعة ويكلمهم يقول أبو لهب لا تسمعوا لكلامه هذا ابن أخي وأنا أعرف به فلا تصدقوه فيقولون له إذا كان عمك يقول فيك هذا الكلام ، عندما تتبعك عائلتك وعمك نتبعك نحن ، هذا في الأسواق
أما في داخل مكة فكانت فرق الاستهزاء برسول الله جماعة يصفرون عليه عندما يمشي وجماعة يصفقون ويطبلون عندما يرونه ماشياً وجماعة عندما يرونه يمشون أمامه وخلفه ويتهكمون ويستهزءون ويتغامزون عليه كل هذه ألوان لمعاكسة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤيده الله {وقد استهزأ أحدهم بالنبى عليه الصلاة والسلام فى بعض الاوقات حيث سار خلفه عليه الصلاة والسلام فجعل يخلج انفه وفمه يسخر به فاطلع صلى الله عليه وسلم عليه فقال له «كن كذلك» فكان كذلك الى ان مات لعنه الله ، واستهزأ به عليه الصلاة والسلام عتبة بن ابى معيط بصق فى وجهه فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا ومر عليه السلام بجماعة من كفار اهل مكة فجعلوا يغمزون فى قفاه ويقولون هذا يزعم انه نبى وكان معه عليه الصلاة والسلام جبريل فغمز جبريل باصبعه فى اجسادهم فصاروا جروحا وانتنت فلم يستطع احد ان يدنو منهم حتى ماتوا}{1}
أى أن الله تعالى انتقم منهم جميعاً
لكننا نرى كيف تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك ، وكان هناك من يجعله ساجداً ويضع عليه أحشاء الحيوانات ويضعون في طريقه الشوك ، أنواعاً وأنواعاً من العذاب لا تتحملها الجبال الراسيات تحملها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك تحملها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم[/SIZE]
[SIZE="3"]{1} تفسير حقي، وتفسير نور الأذهان لإسماعيل البروسوى ، وقد ورد القصص ذاتها فى كتب السنة متفرقة ، برصاً أى أصابه مرض البرص[/SIZE]